السبت، 27 فبراير 2016

عمليات الائتمان الإلكترونية

عمليات الائتمان الإلكترونية
من المتفق عليه أن البنوك تقوم بدوراً هاماً في عمليات الائتمان وتتخذ هذه الأخيرة صوراً متعددة في الأنظمة التقليدية والإلكترونية للبنوك مثل القرض المصرفي والكفالة المصرفية والخصم وأيضاً الأعتمادات المصرفية وتلك جميعها لها تأثيرتها الاقتصادية على النظام الاقتصادي. وتأسيساً على تلك الأهمية فأننا سنتناولها من زاوية آلية تحولها للنظام الإلكتروني بإبراز البدائل الإلكترونية للنظم التقليدية السابقة حتى يمكننا التعرف على تأثيرتها الاقتصادية على مدار المطالب التالي عرضها.
أولاً: القرض المصرفي الإلكتروني:
وذلك هو العقد الذى بمقتضاه يقوم البنك بتسليم عميله المقترض مبلغاً من النقود على سبيل القرض أو يقيدها في الجانب الدائن لحسابه في البنك وقد يكون مضموناً بتأمينات أو معتمدا على الثقة في أمانة العميل على أن يقوم العميل بسداد مبلغ هذا القرض خلال مدة معينة([1]).
يكافئ هذا النظام الورقي في النظام الإلكتروني مايسمى ببطاقات الائتمان Credit cards، وفيها يقوم البنك بتقديم ائتمان للعميل يسمح له بالوفاء بواسطة هذه البطاقة بالقيمة النقدية المطلوب الوفاء بها حتى ولو لم يكن له حساب في البنك أو كان له حساب ولكن لايغطى القيمة النقدية المطلوبة، على أن يلتزم خلال مدة معينة يتم تحديدها بينه وبين مصدر البطاقة على سداد كافة المبالغ التى قام بدفعها مستخدماً هذه البطاقة([2])، ويعتبر هذه الأخيرة أداة ائتمان ووفاء حقيقية، تحصل الجهة المصدرة لها على فوائدها مقابل توفير ذلك، ولكنها لاتمنح ذلك الائتمان إلا بعد الحصول على ضمانات عينية وشخصية([3]).
أما عن أن القرض يكون في حدود نطاق مالي معين فإن العميل يقوم باستخدام بطاقة الائتمان في الحدود الائتمانية المتفق عليها مادام العميل منتظماً في سداد الفوائد المستحقة شهرياً، حيث أن هذه البطاقة يكون التسديد فيها على دفعات منتظمة أو غير منتظمة وما يجدر الأشارة إليه أن هذه البطاقات من أكثر أنواع البطاقات إنتشاراً خاصة في الدول الصناعية([4]).
ثانياً: الكفالة المصرفية الإلكترونية:
ومؤداها أن يتعهد البنك بالوفاء بدين العميل قبل الغير إذا لم يقوم العميل بذلك، مما يؤدي لزيادة الثقة والائتمان في العميل قبل الغير. ومصلحة البنك في ذلك هو الحصول على عموله لا تقل عن المستحقة في حالة الأعتماد أو القرض وتقوم هذه الكفالة على التضامن بين البنك والعميل([5]). ذلك في النظام التقليدى.
المكافئ لتلك العملية في النظام الإلكتروني هو مايسمى ببطاقات ضمان الشيكات. وفي هذا النوع من البطاقات يضمن البنك مصدر البطاقة الوفاء بقيمة الشيكات التى يصدرها العميل حامل البطاقة حيث تحتوى البطاقة على أسم ذلك الأخير وتوقيعه ورقم حسابه والحد الأقصي الذى يلزم البنك بالوفاء به في كل شيك يحرره العميل. وعند كتابة الشيك يبرز العميل البطاقة للمستفيد والتوقيع أمامه على الشيك، ليضمن له بذلك فاء البنك بقيمة الشيك وتكون هذه البطاقة بذلك نوع من أنواع الضمان والكفالة التى يمنحها البنك للعميل صادرة في شكل مستقل([6]).
ومن المتصور تأسيساً على الحالات السابقة لصور المعاملات البنكية عبر الشبكة أن تتم عملية التعامل عن طريق بطاقة ضمان الشيكات بدلاًمن الكفالة المصرفية عبر شبكة الأنترنت، ويتم تعميمها على كافة صور الكفالة المصرفية المتمثلة في:-
أ) توقيع البنك كضمان للعميل للوفاء ببضعة أوراق تجارية يقوم بإصدارها العميل دفعة واحدة.
ب) إبرام البنك لعقد مستقل بالكفالة المصرفية.
ج) وكذلك قد تحل محل خطابات الضمان([7]).
وبذلك تتحول الكفالة المصرفية لصورة إلكترونية تتمثل في خطابات ضمان الشيكات.
ثالثاً: الخصم الإلكتروني:
خصم الأوراق التجارية بصفة عامة مؤاده: هو إتفاق بين البنك وخاصم الورقة التجارية على ان يقوم حامل الورقة التجارية بإستيفاء قيمتها من البنك قبل حلول أجلها المتفق عليه، مع خصم مبلغ من قيمتها الأسمية يمثل فائدة مبلغ الورقة عن الفترة مابين تاريخ الخصم وتاريخ الأستحقاق. ويسمى هذا المبلغ بعد أستنزاله سعر الخصم([8]). وتنتقل بعد ذلك ملكية الورقة للبنك.
كان ذلك عن طريق التسليم يد بيد، ولكن في حالة الخصم الإلكتروني يكون عن طريق إرسال الكمبيالة الإلكترونية إلى البنك الذى سيتم التعامل معه عبر جهاز الكمبيوتر قبل موعد أستحقاقها مقترنة بطلب الخصم، ثم يقوم البنك بالتوقيع إلكترونياً عليها بقبول الخصم، ثم تتم عميلة الخصم بالقواعد المنصوص عليها في القانون، ويتم التسديد عن طريق التحويل الإلكتروني، حيث يقيد قيمة الكمبيالة في الجانب الدائن لحساب المستفيد في البنك الذى يحدده([9]). ويتملك البنك الكمبيالة.
رابعاً: الأعتمادات المصرفية الإلكترونية:
وتنقسم هذه الأعتمادات إلى الأعتماد المصرفي البسيط والأعتماد المستندي وسيلى تفصيل كلاً منهم في الآتي:-
1- الأعتماد المصرفي الإلكتروني البسيط:
في النظام التقليدي فالأعتماد المصرفي البسيط هو عقد يلتزم البنك بمقتضاه بأن يضع تحت تصرف المستفيد وسائل دفع في حدود مبلغ معين، بحيث يكون من حق العميل سحب هذا المبلغ دفعة واحدة أو على دفعات متتالية خلال مدة معينة كما قد يتفق على الكيفية التى يستفيد بها العميل من الأعتماد، إما بقبض المبلغ نقداً، أو بسحب شيكات، أو كمبيالات عليه، أو بإصدار أوامر نقل مصرفي وسحب هذا المبلغ يكون مقابل عمولة للبنك وفوائد([10]).
في النظام الإلكتروني فإن وسيلة التعاقد ستكون هي شبكة الأنترنت حيث يتم الأيجاب بوسيلة اتصال مسموعة أو مرئية أو مسموعة مرئية من خلال وسائل تكنولوجية متعددة بالتفاعل بين أطراف العقد([11]). ويتم وضع المبلغ بعد الأتفاق في الجانب الدائن لحساب المستفيد، ويتم سحب المبلغ بوسائل إلكترونية أيضاً سواء كان عن طريق مايسمى بمحفظة النقود الإلكترونية والتى هي عبارة عن كارت او بطاقة بلاستيكية مثبت عليها من الخلف كمبيوتر صغير مزود بذاكرة إلكترونية، ويقوم العميل عند الرغبة في أستعمال البطاقة بتحميل الكارت عدداً من الوحدات الإلكترونية من مكينات الصرف الآلي (ATM) وذلك بعد إدخاله للرقم السري الخاص ببطاقته. وتتكون هذه البطاقة من الكارت الذكى، الوحدات التى يتم شحنها على الكارت وتسمى النقود الإلكترونية أو الوحدات الإلكترونية، وبطاقة الدفع المسبق([12]). ذلك لو كان العميل يريد سحب المبلغ نقداً يمكنه استخدام هذه المحفظة.
أما لو كان العميل يريد السحب باستخدام الأوراق التجارية كالشيك والكمبيالة أو أوامر النقل المصرفي فإنه يمكنه أن يستخدم الشيك الإلكتروني أو الكمبيالة الإلكترونية أو أوامر النقل المصرفي بصورتها الإلكترونية كما سبق الأشارة لوسيلة استخدامها خلال التفصيل السابق.
2-الأعتماد المستندى الإلكتروني:
عقد يتعهد بمقتضاه البنك بفتح أعتماد بناءاً على طلب أحد عملائه (ويسمى الأمر) لصالح شخص آخر (ويسمى المستفيد) بضمان مستندات تمثل بضاعة منقولة أو معدة للنقل .بحيث يلتزم البنك بدفع القيمة للمستفيد بمجرد تقديمه مستندات مطابقة لشروط الأعتماد([13]).
الأعتماد المستندي أداة تمويل تستعمل ليس فقط في تمويل عمليات التجارة الخارجية بل والداخلية أيضاً عندما يكون حجم الأعتماد كبير([14]).
وكان هذا الأعتماد يصدر بمناسبة تنفيذ عقد البيع بين الطرفين، فيشترط البائع على المشتري في عقد البيع أن يطلب إلى بنك بعينة أن يتعهد أمامه بدفع الثمن أو قبول الكمبيالة التى يقوم بسحبها عليه بالثمن متى سلمه المستندات الخاصة بتنفيذ عقد البيع والتى بها يتسلم المشتري البضاعة من الناقل البحري([15]).
أما في ظل استخدام تقنية الحاسب الآلي في مجال المعاملات المصرفية، فأن المستورد يقوم بإرسال طلبه لأصدار الأعتماد المستندى عن طريق جهاز الكمبيوتر، وعندما يوافق البنك مصدر الأعتماد على طلب العميل فأنه يقوم بإرسال نص الأعتماد إليه عن طريق الكمبيوتر أيضاً، وقبل أنتهاء الأجل المحدد في الأعتماد فإن المستفيد يقوم بإرسال كافة الفواتير المتعلقة بالشحن واللازمة للحصول على قيمة الاعتماد عن طريق الكمبيوتر أيضا، ويطلب من كافة الأطراف المشاركة في المعاملة بأن يقوموا بإصدار مستنداتهم المتعلقة بالعملية للبنك مصدر الأعتماد إلكترونياً أيضاً، ويتم فحص هذه الرسائل عند تعددها للتأكد من مطابقتها لشروط الأعتماد المستندى ويتم ذلك إلكترونيا أيضاً، فإذا وجد أن المستندات مطابقة لما جاء في شروط الأعتماد، فإن البنك يقوم بالدفع للمستفيد بصورة إلكترونية عن طريق التحويل الإلكتروني للمبالغ إلى حسابه وإجراء قيد عكس في حساب العميل طالب فتح الأعتماد بذات الطريقة الإلكترونية، أما إذا لم يكن هناك تطابق بين المستندات المقدمة من المستفيد وبين ماهو مبين في شروط الأعتماد، فإن البنك يقوم بإخطار المستفيد بذلك بطريقة إلكترونية([16]).
وبذلك تحولت الطريقة التى كان يتم بها الأعتماد المستندى من الصورة التقليدية إلى الصورة الإلكترونية ليكون الحاسب الآلي هو وسيلة التعامل بدلاً من التسليم باليد.
بعد هذا العرض نكون قد أنتهينا من تناول المطلب الأول والذى تضمن عرض لآلية عمل المصارف الإلكترونية، وتناول بعض جوانب الأعمال المصرفية لتحويلها إلى الصورة الإلكترونية مركزاً على أهم الجوانب التى سيؤثر تغيرها على فعالية السياسة النقدية، التى لو أمكنها تحقيق الأستقرار النقدى لأدى ذلك لأزدهار حركة المعاملات التجارية خاصة في مجال التجارة الإلكترونية، وبالتبعية الأستثمار كما سيلي تفصيله على غرار العرض التالي.


([1]) أنظر، د/ فايز نعيم رضوان، القانون التجاري، المرجع السابق، ص508، بند 134.
([2]) أنظر، د/ فياض ملقي القضاة،مسئولية البنوك الناتجة عن استخدام الكمبيوتر كوسيلة وفاء، المرجع السابق، ص5.
([3]) ومن أمثلتها من البطاقات والمنتشرة الاستخدام عالمياً بطاقة الفيزا،الماستر كارد، الأكس، أنظر، د/ بلال عبد المطلب بدوى، المرجع السابق، ص1957.
([4]) أنظر، د/ مبارك جزاء الحربي، بطاقات الأئتمان، بحث مقدم لمؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون،السابق الأشارة إليه،ص2160، د/عبد الفتاح بيومى حجازى، النظام القانوني لحماية التجارة الألكترونية،الكتاب الأول، نظام التجارة الألكترونية وحمايتها مدنياً، دار الفكر الجامعى، الأسكندرية، سنة 2002، ص114.
([5]) أنظر، د/ فايز نعيم رضوان، القانون التجاري، المرجع السابق، ص510، بند 136.
([6]) أنظر، د/ بلال عبد المطلب بدوى، المرجع السابق، ص1958.
([7]) لمزيد من التفصيل راجع، د/ عبد الفضيل محمد أحمد، الأوراق التجارية وعمليات البنوك،المرجع السابق، ص488، بند 359.
([8]) أنظر في نفس المعنى، د/ عبد الفضيل محمد أحمد، المرجع السابق، ص480، بند 153، د/ مبارك جزاء الحربي، بطاقات الأئتمان، مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون، المرجع السابق، ص2175.
([9]) أنظر في هذا المعنى، د/ مبارك جزاء الحربي، بطاقات الأئتمان نفي المرجع السابق، ص1961.
([10]) أنظر، د/ فايز نعيم رضوان، القانون التجاري،المرجع السابق، ص522، بند 153.
([11]) أنظر، د/ صالح جاد عبد الرحمن المنزلاوى، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الألكترونية، رسالة دكتوراه كلية الحقوق جامعة المنصورة، دار النهضة العربية، بدون سنة نشر، ص18.
([12]) أنظر، د/شريف محمد غنام، محفظة النقود الألكترونية (رؤية مستقبلية)،دارالنهضة العربية، بدون سنة نشر، ص14، ومابعدها، بند 6. وفي نفس المعنى ؛ د/ فياض ملقي القضاه، مسئولية البنوك الناتجة عن أستخدام الكمبيوتر كوسيلة وفاء، مؤتمر القانون والكمبيوتر والأنترنت تنظمة كلية الشريعة والقانون بالتعاون مع مركز الأمارات للدراسات والبحوث الأستراتيجية ومركز تقنية المعلومات بالجامعة، الفترة من 1-3 مايو 2000، جامعة الأمارات العربية المتحدة،ص4.
([13]) لمزيد من التفصيل، أنظر، د/ عبد الفضيل محمد أحمد، الأوراق التجارية وعمليات التجار، المرجع السابق، ص508، ومابعدها،بند 379.
([14]) أنظر، نفس المرجع السابق، نفس الموضع.
([15]) أنظر، د/ على جمال الدين عوض، الأعتمادات المستندية،دراسة للقضاء والفقه المقارن وقواعد سنة 1983، الدولية، دارالنهضة العربية، القاهرة 1989، ص4.
([16]) أنظر، د/ بلال عبد المطلب بدوى، البنوك الألكترونية (ماهيتها، معاملاتها، المشاكل التى تثيرها)، مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون، المرجع السابق، ص1959 ومابعدها.

ازمة الرهن العقاري.2008

ازمة الرهن العقاري.
بدأ تسويق العقارات في أمريكا لمحدودي الدخل بطريقه كانت في مجملها التفاف علي قوانين البلد والحد الائتماني .. وكانت عقود الشراء محبوكة بطريقه جشعة تجعل القسط يرتفع مع طول المدة.. وعند عدم السداد لمرة واحده تأخذ فوائد القسط 3 أضعاف عن الشهر الذي لم يتم سدادهاليس هذا فحسـب بل هناك بنود في العقود ترفع الفائدة عند تغيرها من البنك الفيدرالي الأمريكي!!
نجحت شركات العقار في تسويق المنازل لمحدودي الدخل ونجحت بالالتفاف علي قوانين الحد الائتماني .. مما نتج عنه ارتفاع بأسعار العقار!!
بعد أن ارتفعت أسعار العقار وأصبحت منازل محدودي الدخل بمبلغ وقدره يتعدى قيمه الشراء الحقيقة لأوائل المشترين.. بدأ محدودي الدخل بأخذ قروض من البنوك بضمان منازلهم التي لم تسدد بالأساس وكان الاعتماد بصرف هذه القروض علي فرق السعر بين المطلوب والقيمة في السوق!!
بعد فترة .. وبعد أن بدأت سلبيات العقود المحبوكة تطفو علي الساحة وأصبحت الأقساط الشهرية لا تطاق.. امتنع كثيرين عن الدفع و بدأت أسعار العقار تهوى للأسفل!!
معظم البنوك وشركات العقار أحست بالخطر؛ فقامت ببيع ديون المواطنين علي شكل سندات لمستثمرين عالميين بضمان المنازل، لجأ بعض المستثمرين العالمين بعد تفاقم مشكلة الرهن العقاري إلى شركات التأمين التي وجدت في أزمة الرهن العقاري فرصةً للربح، وذلك بضمان المنازل فيما لو تمنع المواطنين محدودي الدخل عن سداد قيمة رهن منازلهم. لذلك قامت شركات التأمين بتصنيف سندات الديوان إلى فئتين: الفئة (أ) قابلة للسداد، والفئة (ب) لا يمكن سدادها، ثم بدأت شركات التأمين بأخذ أقساط التامين على السندات من المستثمرين العالميين !!
المشكلة باتت معقدة، فالمواطن محدود الدخل يظن أن المنزل له، وشركات العقارات التي لم تستلم قيمة المنازل كاملةً تظن أن المنازل لها، وفي نفس الوقت تظن البنوك أن المنازل لها بحكم ما أخذه محدودي الدخل من قروض بضمان المنازل، وفي نفس المركب تظن شركات التأمين أن المنازل لها بحكم التزامها بدفع مبالغ السندات للمستثمرين الدوليين وذلك في حال عدم سداد قيمة الرهن للمواطنين محدودي الدخل.
عقار اوفيس== حدوث الأزمة ==
توقف محدودي الدخل عن دفع أقساط رهن منازلهم بعد أن أرهقتهم الأقساط المتزايدة. مما اضطر بالشركات والبنوك إلى محاولة بيع المنازل لحل النزاع؛ فأدى إلى إحتجاجات أصحاب المنازل المرهونة والذين رفضوا بدورهم الخروج منها مما دفع بقيمة العقار إلى الهبوط، ثم ما لبث بعد أن أكتشف أن قيمة الرهن المدفوعة ما عادت تغطي تأمينات البنوك ولا شركات العقار ولا التأمين. مما أثر بدوره علي سندات المستثمرين الدوليين فطالبوا بحقوقهم عند شركات التأمين فأعلنت أكبر شركة تأمين في العالم ايه آي جي عدم فدرتها على الوفاء بإلتزاماتها تجاه 64 مليون عميل تقريباً مما دفع بالحكومة الأمريكية إلى منحها مساعدة بقيمة 85 مليار دولار مقابل امتلاك 79,9% من رأسمالها. ولحقها كثير من البنوك الأمريكية مثل: مورجان ستانلي و غولدمن ساكس. ولازالت أزمة الرهن العقاري محلك سر. فلا محدودي الدخل سيخرجون من منازلهم. ولا المنازل تساوي قيمه الشراء أو قيمه القروض. فالمنزل الذي سعره 20 ألف دولار عليه ديون تبلغ 100 ألف دولار (أرقام تقريبية)
مراحل الأزمة:
فيما يلي المراحل الكبرى التي مرت بها الأزمة المالية التي اندلعت في بداية 2007 في الولايات المتحدة وبدأت تضرب أوروبا.
• فبراير 2007: عدم تسديد تسليفات الرهن العقاري (الممنوحة لمدينين لا يتمتعون بقدرة كافية على التسديد) يتكثف في الولايات المتحدة ويسبب أولى عمليات الإفلاس في مؤسسات مصرفية متخصصة.
• أغسطس 2007: البورصات تتدهور أمام مخاطر اتساع الأزمة والمصارف المركزية تتدخل لدعم سوق السيولة.
• أكتوبر - ديسمبر 2007: عدة مصارف كبرى تعلن انخفاض كبير في أسعار أسهمها بسبب أزمة الرهن العقاري.
• 22 يناير 2008: الاحتياطي الفدرالي الأمريكي (البنك المركزي) يخفض معدل فائدته الرئيسية ثلاثة أرباع النقطة إلي 3,50% وهو إجراء ذو حجم استثنائي، ثم تخفيضه تدريجياً إلي 2% بين يناير وابريل .2008
• 17 فبراير 2008: الحكومة البريطانية تؤمم بنك نورذرن روك.
• 11 مارس 2008: تضافر جهود المصارف المركزية مجدداً لمعالجة سوق التسليفات.
• 16 مارس 2008: جي بي مورجان تشيز يعلن شراء بنك الأعمال الأمريكي بير ستيرنز بسعر متدن ومع المساعدة المالية للاحتياطي الفدرالي.
• 24 إبريل 2008: قام مصرف يو بي إس السويسري بنشر نتائج التحقيقات الداخلية حول الأسباب الحقيقية وراء خسارته الفادحة جراء أزمة الرهن العقاري الأميركية، والتي أدت إلى شطب 40 مليار دولار من أصوله، في أكبر خسارة يتعرض لها أول مصرف سويسري، والمصنف الثالث أوروبياً، والأول عالمياً في مجال إدارة الثروات الخاصة.
• 30 مايو 2008: قال مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية إن أزمة الرهن العقاري بدأت تخف بعد الجهود التي قام بها الاحتياطي الاتحادي والبنوك المركزية الأخرى لضخ الأموال في المؤسسات المالية. وقال كلي لوري مساعد وزير الخزانة للشؤون الدولية إن الاحتياطي الاتحادي والبنوك الأخرى تنسق جهودها لحماية النظام المالي من الاضطراب بعدما ظهرت أزمة قروض الرهن العقاري سنة 2007م, كما أشار لوري إلى أن المؤسسات المالية أبلغت عن خسائر زادت عن 300 مليار دولار بسبب الأزمة المالية، لكن تم تخفيف هذه المشكلة بتوفير 200 مليار دولار من البنوك المركزية؛ مما ساعد البنوك في توفير القروض.
• 7 سبتمبر 2008: وزارة الخزانة الأمريكية تضع المجموعتين العملاقتين في مجال تسليفات الرهن العقاري فريدي ماك وفاني ماي تحت الوصاية طيلة الفترة التي تحتاجانها لإعادة هيكلة ماليتهما، مع كفالة ديونهما حتى حدود 200 مليار دولار.
• 15 سبتمبر 2008: اعتراف بنك الأعمال ليمان براذرز بإفلاسه، بينما يعلن أحد ابرز المصارف الأمريكية، بنك اوف أميركا، شراء بنك آخر للأعمال في وول ستريت هو ميريل لينش، وعشرة مصارف دولية تتفق على إنشاء صندوق للسيولة برأسمال 70 مليار دولار لمواجهة أكثر حاجاتها إلحاحاً في حين توافق المصارف المركزية على فتح مجالات التسليف؛ إلا أن ذلك لا يمنع تراجع البورصات العالمية.
• 16 سبتمبر 2008: الاحتياطي الفدرالي والحكومة الأمريكية تؤممان أكبر مجموعة تأمين في العالم ايه آي جي المهددة بالإفلاس عبر منحها مساعدة بقيمة 85 مليار دولار مقابل امتلاك 79,9% من رأسمالها.
• 17 سبتمبر 2008: البورصات العالمية تواصل تدهورها والتسليف يضعف في النظام المالي، وتكثف المصارف المركزية العمليات الرامية إلي تقديم السيولة للمؤسسات المالية.
• 18 سبتمبر 2008: البنك البريطاني لويد تي إس بي يشتري منافسه إتش بي أو إس المهدد بالإفلاس. السلطات الأمريكية تعلن أنها تعد خطة بقيمة 700 مليار دولار لتخليص المصارف من أصولها غير القابلة للبيع.
• 19 سبتمبر 2008: الرئيس الأمريكي جورج بوش يوجه نداء إلى التحرك فوراً حيال خطة لإنقاذ المصارف لتفادي تفاقم الأزمة في الولايات المتحدة.
• 23 سبتمبر 2008 : الأزمة المالية تطغى على المناقشات خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. الأسواق المالية تضاعف قلقها أمام المماطلة حيال الخطة الأمريكية.
• 26 سبتمبر 2008: انهيار سعر سهم المجموعة المصرفية والتأمين البلجيكية الهولندية فورتيس في البورصة بسبب شكوك حول قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وفي الولايات المتحدة، يشتري بنك جي بي مورغان منافسه واشنطن ميوتشوال بمساعدة السلطات الفدرالية.
• 28 سبتمبر 2008: خطة الإنقاذ الأمريكية موضع اتفاق في الكونغرس. وفي أوروبا، يجري تعويم فورتيس من قبل سلطات بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج، وفي بريطانيا، يجري تأميم بنك برادفورد وبينجلي.
• 2008: مجلس النواب الأمريكي يرفض خطة الإنقاذ. وبورصة وول ستريت تنهار. كما تراجعت البورصات الأوروبية بقوة هي الأخرى وفي وقت سابق خلال النهار؛ وفي اللحظة ذاتها واصلت معدلات الفوائد بين المصارف ارتفاعها مانعةً المصارف من إعادة تمويل ذاتها. وقبل رفض الخطة، أعلن بنك سيتي جروب الأمريكي انه يشتري منافسه واكوفيا بمساعدة السلطات الفدرالية. وفي البرازيل، تم تعليق جلسة التداول في البورصة التي سجلت خسارة تفوق 10%.
بنك ليمان برادرز:
كان بنك ليمان براذرز يُعد حتى وقت قريب رابع أكبر مصرف استثماري بالولايات المتحدة، أسسه ثلاثة مهاجرين ألمان كانوا يتاجرون بالقطن عام 1850م. ويعمل لدى البنك 25935 موظفا بشتى أنحاء العالم.
وكان ريتشارد فولد هو الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي في بنك ليمان برادرز، حيث وصف بأنه رائد الخبراء الماليين في مجاله.
وتسبب إفلاس بنك ليمان برادرز بآثار سلبية كبيرة على الأسواق العالمية، فأدى إلى تراجع الأسواق الرئيسية بالعالم، ولم تكن الساحة العربية بمعزل عن ذلك حيث لحقها ضرر كبير مما أدى إلى انهيار عدد من أسواقها.
كما اعتبر المتخصصون الاقتصاديون إفلاس بنك ليمان أشهر حالة في وول ستريت منذ انهيار مؤسسة دركسل برنام لامبرت المتخصصة بالسندات عالية المخاطر عام 1990م.
واجه البنك صعوبات جمة جراء أزمة العقار التي عصفت بالولايات المتحدة منذ منتصف العام 2007م.
كما اضطر بنك ليمان برادرز لإسقاط أصول مالية بقيمة 5.6 مليارات دولار بالربع الثالث من العام 2007م، وأعلن عن خسارة بلغت 3.9 مليارات للربع الثاني من عام 2008م.
وتفاقمت الأزمة المالية في بنك ليمان حتى أشهر إفلاسه بتاريخ 15 أيلول، 2008م عقب فشل جهود بُذلت من طرف إدارة البنك لإنقاذه، وتقدم البنك بطلب إشهار الإفلاس إلى محكمة الإفلاس في منطقة جنوب نيويورك.
وخسر سهم بنك ليمان أكثر من 92% من قيمته بالمقارنة بأعلى مستوياته عند 67.73 دولاراً في شهر تشرين الثاني، 2007م.

أزمة المكسيك 1994 .

أزمة المكسيك 1994 .
لقد ظهر السوق المالي المكسيكي في الحقبة الزمنية التي سبقت الأزمة كفرصة استثمار مثالية للأجانب، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، و الذي نجم عن الإصلاحات الإقتصادية الشاملة بالبلد،

تمثلت أهم هذه الإصلاحات في خوصصة المؤسسات، و رفع القيود على التجارة الخارجية، إضافة إلى إصلاحات أخرى في السياسة المالية.
و لقد أفضى هذا الوضع إلى تهاطل رؤوس الأموال الأجنبية لشراء العقارات و القيم المنقولة، مما أدى إلى خلق عجز في ميزان المدفوعات المكسيكي، و نظرا لاستقرار العملة المكسيكية بسبب ارتباطها بعملة أخرى، توسع الإئتمان المصرفي، مع تواصل العجز في ميزان المدفوعات المكسيكي، حينها بدأ التوقع بحدوث أزمة مالية ،
و نتيجة لهذه المؤشرات، اضطرت الحكومة إلى الرفع المتزايد لأسعار الفائدة من أجل دعم العملة، لكن و بمجرد تعويم العملة، انخفضت قيمة البيزو، وتباطأ التوسع الائتماني نتييجة ارتفاع أسعار الفائدة.
هذه الأوضاع، أدت إلى انفجار أزمة مالية لم يسبق لها مثيل في المكسيك، زاد من حدتها عبء ديون ضخمة تطلبت إعادة هيكلة استعجالية كعنصر أساسي لحل الأزمة

أزمة وولستريت 1987.

أزمة وولستريت 1987.
*الفرع الأول: ظروف حدوث الأزمة.
إن الأزمة التي شهدتها أسواق رأس المال الدولية في أكتوبر 1987 ، و المتمثلة في الانخفاض الكبير و المستمر في أسعار الأوراق المالية، فقد نتجت عن اتجاه أسعار الفائدة نحو الارتفاع، و توقع حدوث أزمة اقتصادية عامة بسبب تراجع مؤشرات النمو الاقتصادي في معظم الدول، بالإضافة إلى عوامل أخرى، منها تدهور قيمة الدولارفي أسواق الصرف،
كما تعرضت أسعار الأوراق المالية( خاصة الأسهم) إلى انخفاضات متتالية و متسارعة، مما دفع بحملة الأوراق المالية إلى ىالبيع تجنبا انخفاضات أخرى في أسعارها، الشيء الذي كان يثير القلق في الأوساط الماليةخاصة و أن معظم أصحاب الأوراق المالية كانوا يرغبون في البيع و لا يوجد مشترون.
و قد أدى تفاقم الأزمة، في الأسواق المالية إلى أزمة الدولار الأمريكي، نظرا لأن جزءا هاما من الأوراق المالية محرر بالدولار،و لجوء حملتها إلى بيعها مقابل عملات أخرى قوية، زاد ذلك من العرض و تسبب في استمرار انخفاض قيمة الدولارالأمريكي مقابل العملات الأخرى.
و كان للجوء الحكومة الألمانية إلى فرض ضريبة بنسبة 10% على الادخارات و الاستثمارات تأثيرا سالبا على أسعار الأوراق المالية هناك نتيجة انخفاض عوائدها، بينما يعود ارتفاع أسعار الأوراق المالية في و م أ في بداية 1986 إلى زيادة إرباح الشركات الأمريكية و دخول الاقتصاد الأمريكي في نمو اقتصادي متسارع أفضل مما كان متوقعا.
ثم أدى الانخفاض الحاد في أسعار البترول إلى إثارة قلق في الأوساط المالية خاصة البنوك الكبيرة التي قدمت قروضا ضخمة لبعض الدول المنتجة للبترول كالمكسيك.
*الفرع الثاني: أسباب حدوث الأزمة.
لقد اختلفت الآراء حول تحديد الأسباب الحقيقية التي أدت إلى حدوث أزمة أكتوبر1987 ، فنجد في هذه الحالة أسباب تتعلق بكفاءة السوق و أسباب أخرى، وسوف نتطرق لهذه الأسباب فيما يلي:
أ – أسباب تتعلق بكفاءة السوق: هناك ثلاث تفسيرات، و هي:
-1 الإنهيار هو انعكاس لردود الأفعال المبالغ فيها، حيث تتابعت موجات المضاربة للشراء اللاعقلاني المبالغ فيه في أوساط المتعاملين في البورصة، و انتقال المدخرين من الإستثمارات الحقيقية إلى الاستثمارات المالية.
2 - الإنهيار عبارة عن تصحيح الأوضاع السابقة، أي تصحيح ارتفاع أسعار الأسهم إلى قيم تفوق بكثير قيمتها، لتعود إلى المستويات التي ينبغي ان تكون عليها.
-3 انتشار المعلومات التي تدل على أزمة واشكة الوقوع بسبب استمرار العجز في ميزان المدفوعات المريكي.
ب _ أسباب أخرى من بينها:
1 - استمرار العجز في الموازنة الأمريكية، و في هذا الصدد فكرت حكومة "ريقان"، بتخفيض العجز بـ 23 مليار $ ، و ذلك بتخفيض النفقات و زيادة الضرائب، و بعد فشل الوعود بإصلاح الأوضاع، أدى ذلك إلى فقدان الثقة بالحكومة.
2 - رفع أسعار الفائدة، بسبب استمرار العجز في الموازنة الأمريكية، لذلك اضطر البنك الفدرالي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة على السندات طويلة الأجل من أجل بيع الإصدارات الجديدة من سندات الخزينة، و قد أقدمت كل من اليابان و الدول الأوربية إلى ذلك لمنع خروج رؤوس الأموال، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الطلب على الأسهم وهبوط أسعارها .
-3 تدهور سعر الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية، وذلك منذ سنة 1985 ، بنسب جد عالية، و قد لعبت تصريحات وزير الخزينة الأمريكي دورا هاما في إقبال قوي على بيع الأسهم ، حيث أقر أنه يفضل انخفاض أسعار صرف الدولار على رفع أسعار الفائدة ، مما أدى بالكثير من المستثمرين إلى التخلص من الأسهم التي بحوزتهم مقابل السندات و الودائع ذات العائد الثابت.
4 - اعتماد الأسواق المالية على أجهزة الكمبيوتر، حيث تبرمج هذه الأجهزة على أساس أوامر الشراء و البيع، كما تحتوي على برامج تعطي مؤشر إنذار مبكر بمجرد هبوط الأسعار إلى حد معين، فيقوم الكمبيوتر بإصدار أوامر بالبيع، كما أن التغيرات في أسعار العملات، و الأسهم، زادت من عرض الأسهم و انخفاض الطلب عليها مما أحدث فوضى أدت إلى المزيد من الانهيار.

*الفرع الثالث: نتائج الأزمة.
استنادا إلى المؤشرات السابق ذكرها، توقع العديد من الاقتصاديين وقوع أزمة تفوق في حدتها أزمة 1929 ، و في يوم 17 أكتوبر 1987 ، بلغت أسعار الوراق المالية أدنى مستوى لها ،حيث فقد مؤشر "داو جونز" 502 نقطة مخلفا خسارة تقدر بـ 500 مليار $، خاصة و أن بورصات القيم المنقولة كانت تستعمل النظام الآلي لإصدار أوامر البيع و الشراء، و بعد أسبوع من ذلك أمر الرئيس "ريقن" بتشكيل لجنة لمراقبة هذا النظام، في حالة ما إذا كان التغير في مؤشر "داو جونز" يفوق 50 نقطة.
و لقد أدى إلى سرعة انتشار هذه الأزمة مجموعة من الأسباب أهمها:
¤ الروابط الوثيقة بين الأسواق المالية.
¤ التعامل عن طريق أحدث الوسائل و الأساليب الإلكترونية مما سهل انتقال الأزمة و بسرعة من سوق إلى أسواق أخرى.
¤ التطور الهائل في نشاط هذه الأسواق .

أزمة وولستريت 1929

أزمة وولستريت 1929
بعد الأزمة التي اجتاحت معظم دول العالم خلال سنوات الحرب العالمية الأولى، شهدت فترة ما بعد الحرب نوعا من الاستقرار في العلاقات النقدية و المالية الدولية، و استفاد المواطنون من زيادات في المستوى المعيشي و الإقتصادي عن طريق بعض سياسات الإقراض المسهلة آنذاك و ذلك نتيجة للإصلاحات النقدية و المالية التي شهدتها هذه الفترة، لكن هذا الاستقرار ما لبث أن اختفى مع انفجار أزمة أكتوبر1929 .
*الفرع الأول: مظاهر الأزمة.
هذا الرخاء، أدى بالمواطن الأمريكي إلى التوسع في الاقتراض من أجل شراء مختلف المواد الاستهلاكية و الأجهزة، فزاد ذلك من حدة الديون.
و كانت الآراء الاقتصادية و اعتمادا على الفكر الكلاسيكي، تدعم فكرة أن قوى العرض و الطلب سوف تؤدي تلقائيا إلى إعادة التوازن و القضاء على الكساد القائم، خاصة عند اتخاذ البنك الفدرالي الأمريكي قرار التوسع النقدي، الذي أدى إلى ارتفاع إنتاج السلع الاستهلاكية و انخفاض البطالة مؤقتا، كما اتجه سوق الأوراق المالية إلى صعود لا نهاية له.
و نتيجة للأوضاع المذكورة، انصبت المضاربة على سوق الأوراق المالية، وارتفعت أسعار الأوراق المالية ،و أدت هذه السلوكات إلى ارتفاع أسعار أسهم أردأ الشركات، و أصبحت البنوك تضارب بأموال زبائنها، وزاد عدد المتدخلين في السوق المالي إلى أعداد ضخمة من أفراد، مضاربين، شركات سمسرة، و أسر أمريكية.
و قد استمرت الحكومة بتوفير القروض السهلة، حتى الوقت الذي اندلعت فيه الأزمة، وقد زادت أيضا في تقديم القروض الأجنبية بقصد المزيد من ربط الاقتصاديات لدى الأقطار الأوربية برأس المال الأمريكي، و هكذا ارتفعت الإصدارات الجديدة من الأوراق المالية للقيام بالاستثمارات الإضافية في مختلف القطاعات من 4000 مليون$ سنة 1923 غالى 10000مليون $ سنة 1929.
و كانت الأمور تبدو و كأن الرخاء هو السائد و أن السياسة النقدية و المالية تجري في الطريق الصحيح، و قبل انتهاء السنة، كانت الأسواق المالية الأمريكية قد غمرتها الأزمة، و هبطت أسعار الأوراق المالية هبوطا حادا، و أخذت أسعار السلع في السوق العالمية تجنح إلى الهبوط السريع، و في سنة 1930 تبين حقيقة أن الاقتصاد الأمريكي يواجه أزمة خطيرة و ليس مجرد ركود طفيف، و استمرت الدوائر الأمريكية الحاكمة في إصدار المزيد من السندات لتمويل الأشغال العامة للمحافظة على الاستخدام و القوة الشرائية، و في نفس السنة، ارتفعت البطالة إلى 8% بعدما كانت0,9 % عام 1929، و استمرت بالارتفاع في السنوات التالية إلى غاية 25,1% سنة 1933.
*الفرع الثاني: خصائص الأزمة.
تميزت هذه الفترة بمجموعة خصائص تمثلت في:
1 - تسببت في زعزعة الاستقرار النسبي في النظام الأمريكي بأكمله.
-2 استمرار هذه الأزمة لفترة طويلة نسبيا.
-3 عمق وحدة هذه الأزمة بشكل استثنائي، ففي الولايات المتحدة مثلا، انخفضت الودائع لدى البنوك بمقدار 33% ، كما انخفضت عمليات الخصم و الإقراض مرتين، و كان عدد البنوك التي أفلست منذ بداية عام 1929 حتى منتصف عام 1933 أكثر من 10000 بنكا، أي حوالي 40% من إجمالي عدد البنوك الأمريكية، وقد أدى هذا إلى ضياع الكثير من مدخرات المودعين، خاصة الصغار منهم.
4- الانخفاض الكبير في مستويات أسعار الفائدة في البنك المركزي لنيويورك إلى2,6% في الفترة (1930-1933) مقابل 5,2% سنة. 1929.
في بداية الأزمة، كان الارتفاع في أسعار الفائدة ناجما عن تزايد الطلب على النقود لسداد القروض، لكن مع استمرار الأزمة، انخفضت الطلبات على القروض بسبب زيادة عرض رؤوس الأموال.
*الفرع الثالث: آثار الأزمة على الدول الصناعية.
أحدثت الأزمة انهيارات كبيرة في الأسعار لدى الدول الصناعية، حيث انتقلت أسعار الجملة في ألمانيا من137% سنة 1929 إلى 93% سنة 1933. أما في فرنسا، فقد انتقلت السعار من 137% سنة 1929 إلى 94% سنة 1933، و كذا في اليابان من 166% سنة 1929 إلى 136% سنة 1933.
هذا الانخفاض، له انعكاسات مباشرة على انخفاض الأرباح و تراكم رأس المال، و على النشاط الاقتصادي ككل، يتبع ذلك ارتفاع في معدلات البطالة وانخفاض الأجور، ففي انكلترا، انخفضت الأرباح من 120 مليون جنيه إسترليني سنة 1929، إلى 75,8 مليون جنيه إسترليني سنة 1932، و كذا بالنسبة لألمانيا، كانت الأرباح 315 مليون مارك عام 1929 لتنخفض إلى 72 مليون مارك عام 1932 .
و هذه المعطيات تعطي فكرة عن الميل إلى الانخفاض القوي لمدا خيل الطبقة الرأسمالية، و كل هذا له انعكاسات مباشرة ليس فقط على نشاطات رأس المال الداخلية الخاصة بكل بلد، و لكن كذلك على تصدير رأس المال الذي انخفض من 1325 مليون $
عام 1928 إلى 1,6 مليون $ عام 1933 بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، أما في انكلترا، فقد كان 219 مليون جنيه إسترليني سنة 1928 لينخفض إلى 30 مليون جنيه إسترليني
سنة 1933 .
و إضافة إلى هذا ، فانه بين سنتي 1929 و 1933 ، انخفضت أسعار المنتجات بـ %45,7 ،. و بصفة عامة، فقد شهدت هذه البلدان الصناعية الأساسية الستة ( وم أ ، اليابان، فرنسا، ألمانيا، انكلترا، وايطاليا) انخفاضا في دخلها الوطني يقدر بالنصف، كما عرفت التجارة الخارجية انكماشا بـ 40% مقارنة بسنة 1929، و بـ 74% مقارنة بحجمها العادي.

بحث حول سوق الصرف الاجنبي

تمهيد:

تناولنا في الفصل السابق ماهية سعر الصرف بمختلف عناصره وتتطلب الخطوة التالية تحليل الصرف الاجنبي بانواعه المختلفة وخصائصه ونظم الصرف المختلفة فيه. المبحث الاول:ماهية وانواع سوق الصرف
المطلب الاول:ماهية سوق الصرف
في مقابل ما يقوم به المقيمون في تصدير السلع واستيراد رؤوس الاموال ينساب الصرف الاجنبي الى الداخل(عرض الصرف الاجنبي) حيث يستخدمونه في الحصول على السلع الخدمات التي يرغبون فيها من الخارج (الطلب على الصرف الاجنبي).هذا التلاقي بين الصرف الاجنبي والطلب عليه هو ما يعرف اصطلاحا باسم سوق الصرف الاجنبي. فسوق الصرف الاجنبي اذن هو الوسيلة التي بواسطتها شراء وبيع العملات الاجنبية المختلفة بمعنى تسهيل استبدال العملة الوطنية بالعملات الاجنبية.وفي الصرف الاجنبي-شانه شان أي سوقا خر-يتكون سعر الصرف بين العملات المتبادلة فيه وهي العملات الاجنبية،حيث اطلقنا عليه من قبل اسم"سعر الصرف".
المطلب الثاني:انواع سوق الصرف الاجنبي
بعد هذا العرض لسوق الصرف الاجنبي:ماهيته وكيفية تحديد سعر الصرف التوازني فيه،فانه يتبقى الاشارة الى هناك نوعين من سوق الصرف الاجنبي هما:
الفرع الاول:اسواق الصرف الحاضرة:
وهي الاسواق التي يتم فيها التعامل على اساس الصرف الحاضرة Rates Exchnage Spot . الفرع الثاني:أسواق الصرف الآجلة أو المستقبلية:وهي الاسواق التي يتم التعامل فيهاعلى اساس اسعار الصرف الاجلة For Ward Exchange Rates وهي التي فيها من الان الاتفاق على بيع او شراء عملة اجنبية طبقا للسعر الآجل على ان يؤجل اتمام التسليم والتسلم الى حين حلول الفترة المتفق عليها. ولتوضيح الفرق بين اسعار الصرف الحاضرة واسعار الصرف الاجلة لنفترض ان احد الاشخاص قد باع الدولارات الامريكية لشخص اخر مقابل الجنيهات المصرية طبقا لسعر الصرف الحاضر،فمعنى ذلك ان البائع و المشتري يتبدلان الصرف الاجنبي في الحال.اما اذا تم الاتفاق على ان يتم التعامل على اساس اسعار الصرف الآجلة فان معنى ذلك ان يشتري شخص من شخص اخر كمية من الدولارات الامريكية على ان يكون التسليم في فترة لاحقة.وكلما طال اجل التسليم كلما انخفض سعر الصرف الآجل.ويرجع ذلك الى احتمالات توقع انخفاض قيمة العملة الاجنبية في المستقبل مما يؤدي الى إجراء خصمDiscount على السعر الحالي بين العملتين الاجنبية و الوطنية.اما اذا حدث وتوقع البائع و المشتري ارتفاع قيمة العملة الاجنبية بالنسبة لقيمة العملة الوطنية في المستقبل فانه يتم في هذه الحالة اضافة علاوةPremium الى السعر الحالي.



بصفة عامة يمكن التفرقة بين ثلاثة انواع من المعاملات التي تتم في اسواق الصرف الاجلة او المستقبلية على النحو التالي:
1-المضاربةnSpéculatio:
فلو فرض وتوقع المتعاملون في سوق الصرف الاجلة ان سعر احدى العملات
سيرتفع في المستقبل،فانهم في هذه الحالة سيتوجهون الى شراء اكبر كمية من هذه العملة وبيعها فيما بعد عندما يكون سعرها قد ارتفع وبالعكس اذا تصور المتعاملون في سوق الصرف الاجنبي ان سعر احدى العملات سينخفض في المستقبل فانهم يلجاون الى بيع هذه العملة الان وشرائها فيما بعد والاستفادة من فرق السعرين،لذلك فان المضارب في سوق الصرف الاجنبي يتخذ لنفسه موقفا محددا او مكشوفاOpen Position بالنسبة للعملة التي يضارب عليها في المستقبل،كما انه على علم بما يحتويه هذا الموقف من مخاطر بالنسبة لتقلب اسعارها الحالية.على ان المضارب على ارتفاع او انخفاض قيمة عملة في اسواق الصرف الآجلة أو المستقبلية تحمل نوعين من الاعباء المالية:الاول ويتمثل في مخاطر المضاربة نفسها،فقد تتحقق توقعاته في ارتفاع او انخفاض قيمة العملة وقد لا تتحقق.والثاني في سعر الفائدة التي كان يستطيع المضارب في الحالة الاولى(ارتفاع قيمة العملة)الحصول عليها لو انه احتفظ باماله بعملته الاصلية في احد البنوك او الفائدة التي سيضطر المضارب في الحالة الثانية(انخفاض قيمة العملة)دفعها الى البنك نظير الاقتراض منه.
اما عن الربح الذي يتوقعه المضارب على قيمة العملة فانه يتوقف على مقدار
صحة توقعاته بالمقارنة بالتوقعات العامة للسوق.لذلك يقال دائما عن المضارب الذي يتخذ لنفسه موقعا اكثر تفاؤلا عن توقعات السوق بالنسبة لمستقبل سعر عملة معينة انه مضارب على الصعودBull،اما المضارب الذي يتخذ لنفسه موقعا اكثر تشاؤما لمستقبل سعر عملة بالمقارنة بتوقعات السوق فيطلق عليه مضارب على الهبوطBaer.
2-التحكيم او المراجحةArbitrage:
يقصد بعمليات التحكيم او المراجحة في اسواق الصرف الاجلة بانها تلك العمليات التي تهدف الى تحقيق ربح للاستفادة من الفارق السعري في سعر صرف عملة معينة بين سوقين او اكثر في وقت واحد عن طريق شراء العملة في السوق المنخفضة السعر وبيعها في السوق المرتفعة،فاذا كان سعر صرف الدولار في سوق الصرف بالقاهرة هو50قرشا وكان سعر صرف الجنيه المصري في سوق الصرف بلندن يعادل جنيها استرلينيا واحدا:وكان سعر صرف الجنيه الاسترليني في نيويورك هو2.5دولارا امريكيا فان معنى ذلك انه في الامكان تحويل2 دولارالى جنيه مصري واحد في سوق القاهرة،وتحويل هذا الجنيه المصري الى جنيه استرليني في سوق لندن ثم الجنيه الاسترليني الى 2.5دولار في سوق نيويورك،فكان مبلغ2دولار الذي بدات به العملية يمكن من الحصول على2.5دولار من خلال عمليات تحويل متتالية في اسواق الصرف المختلفة من هذه العمليات يطلق عليها اسم التحكيم او المراجحة.وكما سبقت الاشارة من قبل فان هذه العمليات تكفل تحقيق اسواق الصرف المتكاملة التي يسودها سعر واحد للصرف في جميع اسواق الصرف المختلفة مهما كان بعدها الجغرافي.
من هنا يمكن القول ان عمليات التحكيم او المراجحة-على عكس المضاربة-تهدف الى الاستفادة من التفاوت الائم بين اسعار صرف العملات في اسواق الصرف المختلفة مما يؤدي في النهاية الى القضاء على هذا التفاوت وسيادة سعر واحد للعملة الاجنبية بين هذه الاسواق المختلفة.اما عمليات المضاربة فتسعى الى الاستفادة من اختلاف متوقع في قيمة العملة داخل سوق واحد للصرف و لكن مع اختلاف في الوقت.وفي ضوء ذلك يمكن حصر الاختلاف بين عمليات المضاربة وعمليات التحكيم او المراجحة في ثلاث نقاط جوهرية على الوجه التالي:
*الوقت:
فبينما يحاول المحكم او المراجح الاستفادة من اختلاف قائم في اسعار صرف العملات بين اسواق الصرف المختلفة في وقت واحد فانه نجد ان المضارب يحصر نشاطه في سوق واحد،ولكن مع اختلاف الوقت بين السوق الحاضرة والسوق الاجلة.
*درجة التاكد:
يقوم المحكم او المراجح بعمليات البيع والشراء على اساس سعر معلن ومحدد في اسواق الصرف المختلفة.اما المضارب فانه يتوقع اتجاها معينا لاسعار الصرف ويامل ان تتحقق توقعاته في هذا المجال.
*تعدد الأسواق:
عمليات التحكيم او المراجحة التعامل في اكثر من سوق واحد للصرف،اما عمليات المضاربة فيمكن ان تتم سوق واحدة للصرف.
3-التحكيم في سعر الفائدة:
تتم عمليات التحكيم او المراجحة في سعر الفائدة في حالة اختلاف اسعار الفائدة على
ودائع البنوك الاجلة بين أسواق النقد المختلفة.ولبيان ذلك نفترض وجود مستثمر مصري يسعى الى زيادة العائد على الاستثمارات النقدية المماثلة من خلال ايداع امواله في صورة ودائع اجلة لدى البنوك،فاذا كانت الفائدة على الودائع لدى البنوك المصرية لمدة عام10%وكان سعر الفائدة على الودائع لمدة سنة لدى البنوك الانجليزية15% لذلك فان هذا المستثمر المصري سوف يحاول ايداع مدخرات في سوق لندن.
ولكي يتسنى له ذلك لابد من اجراء عملية تحويل للجنيهات المصرية الى الجنيهات الاسترلينية،غير ان ممكن الخطورة هو انه بعد سنة سوف يحاول هذا المستثمر اعادة تحويل الجنيهات الاسترلينية الى جنيهات مصرية اخرى.
ففي هذه الحالة فانه سوف يتعرض لمخاطر تقلب سعر الصرف بين الجنيه المصري والجنيه الاسترليني،فقد يرتفع سعر الجنيه الاسترليني بالنسبة للجنيه المصري،بالإضافة الى العائد الذي حققه من ارتفاع سعر الفائدة على ايداعاته في اسواق النقد بلندن،اما اذا انخفض سعر الجنيه الاسترليني بالنسبة للجنيه المصري،فانه في هذه الحالة سيتحمل المستثمر المصري خسارة ناتجة عن انخفاض سعر الصرف وقد تستوعب هذه الخسارة كل او بعض ما يحصل عليه من ارتفاع سعر الفائدة على ايداعاته في اسواق لندن.
ولتفادي مخاطر التقلبات في سعر الصرف،فان المستثمر المصري قد يحاول منذ البداية بيع نفس حجم ايداعاته في سوق لندن الاجلة في نفس وقت شرائها في السوق الحاضرة،ولهذا يستفيد المستثمر المصري من ارتفاع سعر الفائدة في سوق النقد بلندن دون ان يتعرض لمخاطر تقلب سعر الصرف بين الجنيه المصري والجنيه الاسترليني خلال فترة ايداع مدخرات بالخارج.ولاتمام هذه العملية سيقوم المستثمر المصري مقدار الفائدة التي ستعود عليه ليربح نتيجة اختلاف سعر الفائدة بين سوق النقد بالقاهرة وسوق النقد بلندن(5%) وبين المصاريف التي سوف يتحملها نتيجة لقيامه بعمليات التحكيم او المراجحة بالنسبة لسعر الفائدة،وهنا يقتضي الامر بين الحالات الثلاث التالية:
*اذا كان سعر الصرف بين الجنيه المصري والجنيه الاسترليني في السوق الاجلة يعادل سعر الصرف في السوق الحاضرة،فمعنى ذلك ان المستثمر المصري سيستفيد من كل الاختلافات تقريبا في الفائدة بين القاهرة ولندن وبعد خصم مصاريف التحكيم،وتعرف مثل هذه باسم التحكيم الصافي بالنسبة لسعر الفائدة.
*اما اذا كان سعر الصرف بين الجنيه المصري والجنيه الاسترليني في السوق الاجلة منخفضا عن سعره في السوق الحاضرة،فان المستثمر المصري في هذه الحالة سيحقق ربحا يزيد عن الاختلاف في سعر الفائدة بمقدار انخفاض السعر الاجل عن سعر الحاضر.
*وفي حالة كون سعر الصرف بين الجنيه المصري والجنيه الاسترليني في السوق الاجلة مرتفعا عن سعره في السوق الحاضرة،فان المستثمر المصري في هذه الحالة قد لا يحقق ربحا اذا كانت مصاريف التحكيم تعادل الفرق في سعر الفائدة بين الدولتين.ويعرف هذا الوضع باسم"المركز المحايد" Neurality condition بل انه من المحتمل ان يكون العبء المالي للتحكيم او المراجعة اكبر من الاختلاف في سعر في السوق الحاضرة,و في الحالة الاخيرة لن تكون هناك فائدة مادية من الاستثمارفي لندن.
المبحث الثاني:خصائص سوق الصرف و المتدخلون فيه
المطلب الاول: خصائص سوق الصرف الاجنبي
وكما هو معروف من المبادئ العامة لعلم الاقتصاد فانه يتم تصنيف اسواق البيع و الخدمات عناصرا للانتاج الى اسواق كاملة قيودها المنافسة الكاملة و اسواق غير كاملة تسودها الاحتكارية .وفي حالة الاسواق الكاملة فان السلع المتبادلة تكون متجانسة تماما أي تختفي ظاهرة تنوع المنتجات,فلا يمكن التمييز بين نوع من المنتج وآخر لاسباب شخصية او معنوية او جغرافية.و نتيجة لذلك فانه يسود سعر واحد للسلعة في جميع ارجاء السوق اما في حالة الاسواق الناقصة فان السلع المتبادلة بداخلها تكون غير متجانسة كما ان الاسعار تبعا لذلك تكون متفاوتة بين ارجاء السوق الواحد.
و في ضوء هذه التفرقة يمكن القول ان اسواق الصرف الاجنبي تدخل ضمن طائفة الاسواق الكاملة التي تسودها خصائص المنافسة الكاملة فالنقود –وهي السلعة المتبادلة-تتجانس تجانسا تاما بين جميع وحداتها،فضلا عن ان اسعارها تتنافل بين ارجاء سوق الصرف الواحد.ويمكن تفسير هذه النتيجة في ضوء الاسباب التالية:
*تجانس العملة الاجنبية(الدولار المريكي مثلا)بطريقة لا يمكن على اساسها التفرقة بين دولار امريكي واخر لاسباب شخصية او موضوعية.فجميع الوحدات النقدية لها نفس قوة الابراء القانونية،كما انها تتمثل في الوزن في حالة النقود المعدنية ولها نفس الخصائص في حالة النقود الورقية.
*تتكفل عمليات التحكيم او المراجحة Arbitrage بالقضاء على ظاهرة اختلاف اسعار العملات بين اسواق الصرف الاجنبي مهما كان بعدها الجغرافي عن طريق زيادة الطلب على العملة الاجنبية في سوق الصرف الذي يشهد انخفاضا في سعرها،وزيادة عرض العملة الأجنبية فيفي سوق الصرف الذي يسجل ارتفاعا في سعرها،فيرفع سعر الصرف في السوق الاول ويخفضه في السوق الثاني إلى أن يتحقق في أسعار الصرف بين الاسواق المختلفة
المطلب الثاني:المتدخلون في سوق الصرف
يتدخل في سوق الصرف:
أ-البنك المركزي:
ويتدخل هذا البنك للقيام بعمليات السوق المفتوحة على العملات الاجنبية من جهة،ومن جهة ثانية بتنفيذ او الحكومة باعتباره بنك الدولة خصوصا المعاملات في العملة،يكون هذا التدخل من قبل البنك المركزي في العادة من اجل حماية مركز العملة المحلية او بعض المعاملات الاخرى،لانه يعتبر مسؤولا عن صرف سعر العملة.
ب-البنوك التجارية والمؤسسات المالية:
حيث تتدخل في السوق لتنفيذ او زبائنها لحسابها الخاص،فأعوان الصرف العاملون في البنوك يجمعون اوامر الزبائن،يقومون بالمقايضات ويحولون إلى السوق الفائض من عرض او طلب العملات الصعبة ويتوفرون أجهزة إعلام آلي تتضمن اخر الاسعار المطبقة بين البنوك في مختلف الساحات المالية العالمية.ومهمة اعوان الصرف هي معالجة الاوامر قصد تمكينها من الحصول على افضل سعر وتحقيق مكاسب لصالح بنوكهم.
ج-سماسرة الصرف:
يعتبر سماسرة الصرف وسطا ناشطين يقومون بتجميع اوامر الشراء او البيع للعملات الصعبة لصالح عدة بنوك او متعاملين اخرين،ويقومون بضمان الاتصال بين البنوك او اعطاء معلومات عن التسعيرة المعمول بها في البيع وشراء بدون الكشف عن أسماء المؤسسات البائعة او المشترية لهذه العملات.
المبحث الثالث:انظمة سوق الصرف
لقد عرف نظام الصرف محطات في تطوره بدات من قاعدة الذهب و انتهت اليوم الى النظام العائم.ولقد كان نظام بريتون وودز يقوم على اساس الدولار المريكي المرتبط بدوره بالدهب،ذلك ان الولايات المتحدة كانت تقبل بتحويل الدولار لغير المقيمين بسعر ثابت اوقية=35 دولار تربط عملاتها بسعر ثابت مع الدولار.
الا ان الامر سرعان ما تم تجاوزها باعلان الرئيس نيكسون في اوت 1971 منع تحويل الدولار الى الذهب،غير ان النظام في تلك الفترة لم يكن له أي دور في تنظيم الاصدار النقدي او في تحقيق التوازن الداخلي الذي كان متروكا للاعتبارات السياسية الاقتصادية والنقدية الداخلية في كل دولة ولقد مثل هذا الاعلان في نظر الكثيرين انهيار لنظام بريتون وودز ومنذ ذلك الوقت عرف نظام الصرف نمطين اساسيين:


المطلب الأول:نظام اسعار الصرف الثابتة
وفي ظل هذه الانظمة يتم تثبيت سعر صرف العملة الى:
ا-إما عملة واحدة:
تتميز بمواصفات معينة كالقوة والاستقرار وفي هذا الاطار تعمل الاقتصاديات على تثبيت عملاتها الى تلك العملة دون احداث تغير الا في بعض الحالات،كما هو الحال الفرنك الافريقي سابقا مع الفرنك الفرنسي.وكما هو الحال الدينار الاردني مع الدولار الأمريكي ولقد شكلت العملات المربوطة بعملة واحدة سنة1996 20عملة بالدولار الامريكي.
14عملة بالفرنك الفرنسي.
ب-اما سلة العملات:وعادة ما يتم اختيار العملات انطلاقا من عملات الشركاء التجاريين الأساسيين،أو من العملات المكونة لوحدة حقوق السحب الخاص كما هو شان الدينار الإماراتي أو الربط حاليا باليورو واعتبار امتداد لسلة العملات المكونة للايكو سابقا ولقد تم تسجيل 20 عملة مرتبطة بسلة من العملات من غير حقوق السحب الخاصة في سنة 1996. ج-ضمن هوامش محددة:سواء تعلق التثبيت بعملة واحدة أو سلة عملات وهنا يتم تحديد مجال التقلب المسموح به.
المطلب الثاني:نظام أسعار الصرف المرنة
وتتميز هذه الأنظمة بمرونتها وقابليتها للتعديل على أساس بعض المعايير منها:المؤشرات الاقتصادية مثل سعر الصرف الحقيقي الفعال،وعلى ضوئها تقوم النقدية
بتعديل أسعار صرفها.
ا-التعويم المدار:
وضمت هذا المنظور تقوم السلطات بتعديل أسعار صرفها بتواتر على أساس مستوى الاحتياطي لديها من العملات الاجنبية والذهب وعلى أساس وضعية ميزان المدفوعات.
ب-التعويم الحر:
وهو وضع يسمح بموجبه لقيمة العملة ان تتغير صعودا وهبوطا حسب قوى السوق ويسمح التعويم للسياسات الاقتصادية الاخرى بالتحرر من قيود سعر الصرف وبالتاي فان تعويم العملات يسمح للسلطات بإعداد السياسة الملائمة،ومثل هذا الوضع يدفع بأسعار الصرف ذاتها ان تتكيف مع الأوضاع السائدة لا أن تشكل قيودا.



خلاصة الفصل:
وفي نهاية العرض نستنتج بان سوق الصرف له أهمية كبرى في الاقتصاد العالمي ويجب على كل دولة الإحاطة بهذا الموضوع لمعالجة المسائل المتعلقة بتعدد العملات وبالتالي تحويلها فيما بينها في المعاملات الاقتصادية المالية والتجارية التي تجرى بين مختلف أقطار العالم.



الخاتمة

لا يكفي ان تعرف كل دولة حساباتها الدولية و أن تحدد حقوقها وديونها وإنما يجب
كذلك ومنذ البداية إن تحدد العملة التي يتم التحاسب والدفع بها فكل تبادل دولي يشير الى مشكلة حساب قيمة التبادل أي سعر الصرف العملة الاجنبية ثم مشكلة دفع تلك القيمة،فالتبادل الدولي كالتبادل الداخلي لا يتم تغير النقود ولو كانت هناك عملة تتبعها جميع الدول،لكان التحاسب والدفع يتمان بتلك العملة في أي مكان من العالم،حتى الذهب فقد وصفته كعملة عالمية...فالمبادلات لا تحسب به إطلاقا ونادرا ما تحسب به،ففي العالم عملات بعدد الدول.لكل دولة عملتها الخاصة بها فالصرف الاجنبي يحسب أو يدفع بعملة دولة من الدول ولكن عملة كل دولة محدودة قوى الإبراء بحدود ذلك البلد.وهذا هنا لا يتم التحاسب ولا الدفع فيما بين الدول وإلا تجرى فيه مقارنة بين عمليتين على الأقل ،كل منهما أجنبية عن الاخرى.
وبعد التطرق الى مختلف جوانب الموضوع يأتي رأينا الشخصي في بحث سوق الصرف وهو:
1/سعر الصرف أداة الربط بين السعر المحلي والسعر العالمي ويتحدد بالنسبة لجميع العملات في جميع البلاد.
2/سوق الصرف سوق مجازي يتداول العملات الاجنبية وكل الأوراق المقومة بعملات أجنبية( أسهم،سندات،شيكات،الحوالات..... ........)
3/يسير العالم حاليا بسعر صرف واحد ومحدد وهو سعر الصرف العائم.
4/سوق الصرف له أهمية كبرى في الاقتصاد إذ يعتبر أمر مرتبط بدرجة كبيرة بمصيره الاستقرار الاقتصادي لهذه البلاد وقضايا النمو والتنمية الاقتصادية بها.